كــلاب يـأكــل بعـضهــا بعـضًــا
كايج وكوك ودافو من فيلم {كلاب يأكل بعضها بعضا}
محمد رُضا
Dog Eat Dog
إخراج: بول شرادر
تشويق بوليسي | الولايات المتحدة ـ 2016
تقييم الناقد: ****
لم يبتعد الكاتب والمخرج بول شرادر عن رصد مساوئ البشر منذ أن كتب لمارتن سكورسيزي فيلم «سائق التاكسي» (1976). كان ذلك ثاني عمل لشرادر ككاتب بعد فيلم نيّر آخر قام بتحقيقه سيدني بولاك بعنوان «ذا ياكوزا» (1974). عندما تحوّل شرادر إلى الإخراج سنة 1978 بقي مشدودًا، وبعد عدة سيناريوهات ناجحة أخرى، إلى ذلك الوجه الداكن من البشر.
«كلب يأكل كلبًا» لا يختلف بل يزيد. يتناول حكاية تتعامل مع ثلاثة رجال خارجين عن القانون وضعها إدوارد بَنكر قبل نحو عشرة أعوام. بَنكر كان سجينًا وتحوّل إلى كاتب وحقق نجاحًا لا بأس به. لذلك الحكاية تستفيد من نظرة قريبة على عالم هؤلاء المجرمين الخارجين من السجن والراغبين في الهروب من حياة الفقر صوب الرخاء. طريقتهم الوحيدة تنفيذ جريمة جديدة.
في مطلع الفيلم نرى ماد دوغ (ويليام دافو) يأخذ جرعة كوكايين وفوقها ما يزيده هلوسة. تدخل عليه صديقته البدينة (والمخرج يجلب عددًا من أصحاب الكروش رجالاً ونساء في أدوار ثانوية بينها الدور الذي يقوم هو بتمثيله تحت اسم غرينكو) والخلاف بينهما يتطور سريعًا. ماد دوغ، الذي لا يستطيع فقد عقله لأنه فقده منذ زمن، يغمد في جسد صديقته السكين عدة مرات بطريقة متوحشة ثم يركض وراء ابنتها المراهقة (آيلة إلى البدانة بدورها) ويقتحم غرفتها ويطلق النار على رأسها.
هذه البداية، على عنفها، تضع الفيلم على سكة الحديد. اللاحق لن يقل عنفًا. في الواقع، كلما ظهر دافو تتوقع منه عملاً مرعبًا كالذي ارتكبه. هو واحد من السجينين الآخرين هما نيكولاس كايج وكريستوفر ماثيو كوك، والثلاثة يخططون لعملية كبرى.
على أن هذا العنف ليس مجانيًا بل يستخدمه الكاتب للكشف عن عمق شخصيته كما يستخدم مشكلاتهم العاطفية والنفسية للكشف عن مساوئ أخرى. هؤلاء هم مِن قاع الجريمة ولو أن بعضهم (تحديدًا الشخصية التي يؤديها كايج) أفضل من بعضهم الآخر.
المهمة الأخيرة التي سيقومون بها هي خطف فتاة صغيرة لمساعدة العصابة التي استأجرتهم على ابتزاز والدها. القبض عند التسليم. لكن التسليم لا يتم لأن ماد دوغ أقدم على قتل الرجل الذي كان سيدفع للثلاثة الأجر المتفق عليه. ديزل (كوك) سيقتل ماد دوغ ليس طمعًا في شيء ولا نتيجة خلاف بل لأن ذاك، وتحت تأثير الهلوسة، لم يتوقف عن الشكوى والهذيان. أما تروي فيدرك أن الحياة المترفة التي كان يصبو إليها باتت سرابًا. الآن هو طريد القانون من جديد.
هناك قدر كبير من السخرية السوداء في هذا الفيلم. مرح ملطخ بالترفيه. لكن ما يجيز الإعجاب به هو إخراج شرادر له. ما يوفره على الشاشة هو مزيج من الحكاية البوليسية معالجة بأسلوب كاريكاتيري ومتميّزة بسبر غور الشخصيات وإدارة الممثلين بما يخدم غاية المخرج في تصوير واقع يشبه جدران الجريمة الملطخة بالدم.
No comments:
Post a Comment